نقابة المحامين الأحرار في سوريا.. من التأسيس والإنجازات إلى الخلافات والتحدّيات
أولاً: التأسيس
منذ عام 2013، بدأت مسيرة تنظيم العمل النقابي في المناطق المحرّرة من نظام الأسد، حيث كان لكل منطقة وضعها الخاص ، وبدأت الكيانات النقابية تتشكّل تحت أسماء متنوعة كهيئة محامي حلب الأحرار، إضافة لعدد من التجمّعات الأخرى كرابطة المحامين الأحرار في ريف حمص الشمالي المشكّلة عام 2013، ونقابة المحامين الأحرار بحماة، وبعد قيام نظام الأسد بسلسلة من عمليات التهجير أبرزها التي حصلت عامي 2017 و2018 والتي أدت إلى تهجير مئات الآلاف من مناطق مختلفة إلى الشمال المحرر، وجد المحامون الموجودون في الشمال المحرر ضرورة وجودهم ضمن جسم يُمثّلهم ويُنظّم عملهم ويرعى شؤونهم وحقوقهم، ليُتوّج الأمر بالإعلان عن تأسيس نقابة المحامين الأحرار في سوريا بتاريخ 21/12/2019، عقب تعديل القانون رقم 30 لعام 2010، الذي يُنظّم العمل النقابي للمحامين في الشمال المحرر، وقد تم الإعلان عن إطلاق النقابة بعد الانتهاء من الجلسات التأسيسية التي تمت في ريف حلب الغربي، وقد ضمت النقابة ما يزيد عن 1000 محامٍ من جميع المحافظات السورية المهجرة، حيث تم تشكيل وانتخاب تسعة أفرع في كل من حلب وحمص وحماة واللاذقية ودمشق وريفها ودرعا والرقة والحسكة ودير الزور والتي تضم المحامين المعارضين لنظام الأسد.
ثانياً: المرجعية القانونية وتشكيل نقابة المحامين الأحرار
بعد عقد عدة ورش وجلسات لمناقشة تأسيس النقابة الممثّلة للمحامين الأحرار في الشمال السوري، تم التوافق بين المحامين ومجالس الفروع على اعتماد القانون رقم 30 لعام 2010 المتضمّن قانون تنظيم مهنة المحاماة الصادر عن نظام الأسد في عام 2010، وذلك بعد إجراء بعض التعديلات الطفيفة على هذا القانون وخصوصاً تلك المواد التي يتعارض وجودها مع كونها نقابة حرة، كتلك المتعلّقة بهيمنة حزب البعث والسلطة في سوريا على النقابة وما يتصل بها أو يشير إلى نظام البعث، وبعض التعديلات الأخرى كتلك التي تنصّ على ضرورة وجود 150 محامياً كشرط لتأسيس مجلس فرع للمحامين أو مدة ولايتهم.
أما فيما يتعلّق بتشكيل نقابة المحامين الأحرار فإنها تتألف من المؤتمر العام ومجلس النقابة، ووفقاً لنص المادة 32 من قانون تنظيم مهنة المحاماة المعتمد رقم 30 لعام 2010، يتكوّن المؤتمر العام والذي يُعتبر أعلى هيئة في النقابة من:
- أعضاء مجلس النقابة السابقون المنتهية ولايتهم.
- أعضاء مجلس النقابة المنتخبون وأعضاء مجالس الفروع.
- الأعضاء المتمّمون.
وللمؤتمر العام صلاحيات كثيرة ومتنوّعة منصوص عليها في قانون تنظيم مهنة المحاماة، ولكن يأتي في مقدّمتها انتخاب أعضاء مجلس النّقابة المركزية للمحامين الأحرار لمدة ثلاث سنوات بعد التعديل، وأيضاً تستمر ولاية المؤتمر العام لمدة ثلاث سنوات أيضاً.
أما بالنسبة لمجالس الفروع، فوفقاً لنص المادة 46 من قانون تنظيم مهنة المحاماة يتمّ إحداث كلّ فرع في كل محافظة أو عدة محافظات بقرار من مجلس النقابة المركزية.
ويتكوّن فرع النقابة من الهيئة العامة للفرع ومجلس الفرع، وتتكوّن الهيئة العامة للفرع من مجموع المحامين الأساتذة والمتمرّنين المسجلين في الجدول العائد للفرع.
ويعدّ من أهم صلاحيات الهيئة العامة للفرع انتخاب أعضاء مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار لمحافظة معيّنة لمدة ثلاث سنوات، وانتخاب الأعضاء المتمّمين للمؤتمر العام.
ثالثا: أهم إنجازات ومساهمات نقابة المحامين الأحرار منذ تأسيسها
تُعتبر نقابة المحامين الأحرار العاملة في الشمال السوري من أبرز النقابات الموجودة في المنطقة، ومن منظمات المجتمع المدني الفاعلة والتي ساهمت بكثير من المواقف على تنشيط العمل النقابي والمدني التي طالما افتقدها السوريون طوال عقود طويلة من حكم نظام الأسد.
ويمكن الإشارة إلى أهمّ المساهمات والمواقف التي عملت عليها نقابة المحامين الأحرار خلال مسيرتها النقابية والثورية:
- تنظيم مهنة المحاماة وعلاقتها بالمحاكم وإدارة أمور المحامين بشكل عام.
- توحيد العمل في مهنة المحاماة في جميع الفروع بشعار واحد، وبطاقة نقابيّة واحدة ورسوم واحدة تُطبّق على جميع الفروع.
- تسجيل حضور كبير على المستوى المدني والمجتمعي في الشمال السوري من خلال كثير من المساهمات التي شاركت فيها ومن الممكن عرض بعضٍ منها:
- الاجتماع مع المؤسسات الثورية والحكومة المؤقتة لتنشيط العمل المؤسّساتي ومناقشة الواقع الحالي للشمال السوري واقتراح الحلول المناسبة[1].
- مساهمة النقابة في استعراض حادثة تفتيش الجوالات الشهيرة على حواجز مدينة عفرين من خلال الاجتماع مع النائب العام في المدينة[2].
- مشاركة النقابة في حضور الفعاليات المدنية والثورية كالدعوات الموجّهة لها في جامعات المحرر، كحلب الحرة وشام، للاحتفال بتخريج دفعات من الطلاب وحضور الفعاليات الثورية والاحتفال بذكرى الثورة[3].
- العديد من البيانات التي أصدرتها نقابة المحامين كتلك التي أصدرتها بخصوص تصريحات بيدرسون وخصوصاً استخدامه مصطلح العدالة التصالحية أو البيانات الصادرة بخصوص توجّه بعض الدول للتطبيع مع نظام الأسد أو حديث بعضها الآخر عن ضرورة المصالحة بين نظام الأسد والمعارضة[4].
- زيارات ميدانية لجهات مختلفة كجامعة شام ومجلس نقابة الاقتصاديين ومكتب الطلبة وجامعة حلب الحرة والاجتماع مع عميد كلية الحقوق ومدارسة التعاون بين الكلية والنقابة[5].
- إصدار بيان مشترك من نقابة المحامين ونقابة المهندسين ونقابة التمريض والفنيّين والإداريّين والمكتب التنفيذي للطلبة حذّرت فيه من خطر فتح المعابر مع نظام الأسد الذي حاصر وجوّع الشعب السوري[6].
- التفاعل مع كثير من القضايا الخاصة بالسوريين، حيث شارك الموقع الرسمي للنقابة هاشتاغ “دربونا بمشافينا” لمناصرة طلاب الطب في مناطق الشمال السوري[7].
- التنديد بالانتخابات اللاشرعية التي قام بها نظام الأسد عبر بيان صدر من نقابة المحامين، وخروج النقابة بمظاهرة للتنديد بذلك[8].
- حملة تدريبات قامت بها نقابة المحامين الأحرار للجيش الوطني فيما يتعلّق بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الأسرى والمعتقلين، إضافة لقيامها بورشة عمل قانونية حول الاعتراف بالوثائق والأحكام القضائية الصادرة عن مؤسسات الشمال السوري[9].
- مشاركة نقابة المحامين الأحرار ممثلة برئيسها في العاصمة القطرية الدوحة في ندوة (سوريا إلى أين؟) بمشاركة طيف واسع من قوى الثورة ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، وقدمت رؤية النقابة لإصلاح مؤسسات الثورة[10].
- التنديد بحالات تجاوز القانون كحالات الاعتقال التعسفي وأحداث الاقتتال الداخلي وتقديم رؤية النقابة لوضع حدّ لهذه المشاكل[11].
- مشاركة نقابة المحامين الأحرار بتأسيس اللجنة العليا لمكافحة المخدرات برئاسة وزير الداخلية[12].
- إصدار بيان يُدين حالات إجبار اللاجئين في لبنان على العودة قسراً لمناطق نظام الأسد[13].
- تسجيل حضور مجتمعي قوي وتحقيق نظرة مجتمعية إيجابية نسبياً تُجاه نقابة المحامين كونها تحتضن رجال القانون الساعين لتطبيق العدالة ورفع الظلم عن المضطهدين.
- استعراض بعض الحالات والمساهمات التي قامت بها نقابة المحامين الأحرار في تنمية مهنة المحاماة والمشاركات المجتمعية وغيرها يدل على الزخم والحضور القوي والمجتمعي للنقابة، محققةً مكاسب مهنية ومجتمعية تُعتبر في غاية الأهمية بالنظر لحجم فترة تأسيسها.
رابعاً: أبرز التحديات والعقبات التي واجهت مسيرة نقابة المحامين الأحرار
فرض الواقع الحربي والفصائلي إضافة إلى عدم وجود سلطة مركزية إلى جانب الضغوط الاقتصادية والأمنية تحدّيات كبيرة أمام سير نقابة المحامين في ممارسة نشاطها.
ويمكن تلخيص أهم التحديات والعقبات التي واجهت النقابة وعمل المحامين عموماً بما يلي:
- عدم وجود جهة تشريعية لسدّ الثغرات وسنّ تشريعات جديدة تواكب الحياة والتطورات التي حصلت.
- عدم وجود سلطة مركزية تفرض هيبة الدولة والقانون وتنفذ أحكام القضاء.
- عدم وجود مجلس قضاء أعلى يُعيّن القضاة ويشرف ويراقب عملهم، إذ لا توجد معايير وأسس قانونية واضحة لتعيين القضاة.
- عدم أخذ رأي النقابة وتقييمها عند تعيين المحامين في مناصب القضاء.
- مخالفة القوانين من قبل بعض المحاكم، من حيث التوصيف الجرمي، وفرض الغرامات وحجمها والعملة المفروضة.
- التعدّي على بعض المحامين في سجون وأمنيات عائدة للفصائل خلافاً للقانون، وعدم احترام دور النقابة في ذلك.
- عدم تخصيص مكاتب الوكالات التابعة لنقابة المحامين بأماكن لائقة في العدليات.
- ويوجد عائق هام، هو قيام “حكومة الإنقاذ” (الذراع المدني لهيئة تحرير الشام-هتش) بتشكيل نقابة خاصة بها، وعدم اعترافها بالأحكام الصادرة من المحاكم في مناطق الحكومة السورية المؤقتة.
- عدم إمكانية تأمين مكاتب للنقابة منتشرة في الشمال السوري، إضافة لعدم تمكّنها من تأمين أماكن لمجالس الفروع.
- تدخّل المنسّقين القضائيّين الأتراك في عمل النقابة ومجالس الفروع، مما أثّر على عمل النقابة وزاد في الخلافات بين بعض الفروع والنقابة.
- الخلافات الأخيرة التي عصفت بها وخصوصاً حول تأسيس مجالس الفروع ودورها وغير ذلك، وعدم تمكّن النقابة من حسم هذا الخلاف.
ولأهمية هذا البند الأخير كان لا بدّ من إفراد جزئية للتكلم حول هذه النقطة بتفصيل أوضح.
خامسا: الخلافات الأخيرة وأسبابها
بتاريخ 31/10/2022، ظهرت الخلافات للعلن، وكانت مفاجأة لكثير من المتابعين بل وحتى لكثير من المحامين، حيث وجّه رئيس فرع مجلس نقابة المحامين الأحرار بحلب دعوة للهيئة لعامة للفرع ذاته للانعقاد بدورة استثنائية لمناقشة مقترح فرع حلب وأعضاء المؤتمر العام لفرع حلب المتضمن انسحاب فرع حلب من نقابة المحامين الأحرار المركزية في سوريا، الأمر الذي لاقى استنكاراً كبيراً من قبل كثير من فروع المحامين الأخرى، وخصوصاً أن النقاط التي طرحها فرع حلب كتبرير لدعوته لم تكن كافية أو مقنعة أو قانونية وفق كثير من المحامين والمتابعين.
ويمكن حصر أهم نقاط الخلاف بين فرع حلب والنقابة المركزية بالنقاط التالية:
- إحداث دوائر وكالات للفروع، وهذا مخالف لقانون تنظيم المهنة وفقاً لرؤية فرع حلب، والمقصود الفروع الأخرى غير فرع حلب التي أحدثت دوائر وكالات في محافظة حلب، وهذا مخالف للقانون وفقاً لرؤية فرع حلب الذي ينصّ على حق الفروع بإحداث دوائر وكالات ضمن محافظة الفرع، فمثلاً لا يحق لفرع حماة إحداث دوائر وكالات إلا في محافظة حماة مثلاً.
- تسجيل بعض المنتسبين دون إخضاعهم لدراسة وتحقيق ونقص كبير في الأوراق الرسمية الخاصة بالانتساب.
- نقل محامين متمرّنين إلى جدول المحامين الأساتذة دون أدنى معايير ولا التزام بمدة التمرين.
- عدم تفعيل خزانة التقاعد ضمن ما نصّ عليه القانون وما التزم به فرع حلب من دفع أموال للنقابة المركزية التي قامت بتجميد أموال خزانة التقاعد.
- مقاطعة فرع حلب للمؤتمر العام والامتناع عن تنفيذ مقررات المؤتمر العام للنقابة المركزية.
- رفض فرع نقابة المحامين في حلب إرسال واستلام البريد المتبادل بين الفرع والنقابة المركزية وقيام فرع حلب بتحليف اليمين لبعض المتمرّنين دون عرض ملفاتهم على النقابة المركزية.
- قيام فرع حلب بإقامة علاقات خارجية دون الرجوع للنقابة المركزية، ومخاطبة الحكومة المؤقتة دون الرجوع للمركزية وغيرها من نقاط الخلاف التي تزيد عن عشرين بنداً.
وبعد قيام فرع حلب بدعوة الهيئة العامة للفرع لمناقشة مقترح الانسحاب من النقابة قامت كل من مجالس الفروع في دمشق وريفها وحمص وحماة بإصدار بيانات موجودة على المعرفات الرسمية توضّح ما زعمه فرع حلب حول قيام الفروع الأخرى بعمله، وإنكار دعوة فرع حلب للانسحاب من المركزية، لينتهي الأمر بتشكيل لجنة تحكيم مؤلفة من خمسة محامين بين كل من النقابة المركزية وبقية الفروع يمثّلهم نقيب المحامين الأحرار، وبين فرع حلب يُمثلهم رئيس فرع حلب للمحامين الأحرار، والتي أصدرت قرار التحكيم المتضمَّن بـ 17 صفحة بتاريخ 10/1/2023، والذي وفقاً لفرع حلب لم تلتزم النقابة المركزية به.
وبتاريخ 24/5/2023،أصدرت النقابة المركزية قراراً دعت فيه مجالس الفروع إلى انتخاب مجالس فروعها وأعضائها المتمّمين للمؤتمر العام، وحددت تواريخ لذلك، ليقوم مجلس فرع حلب بتغيير تاريخ الانتخابات المحدّدة من النقابة المركزية وتعيين تاريخ جديد للانتخابات، وبرر فرع حلب ذلك بكون النقابة المركزية لم تنفّذ أي بند من بنود القرار الذي صدر عن لجنة التحكيم، إضافة لقيام فرع حلب بمقاطعة المركزية دون الانسحاب منها، ليقوم فيما بعد أعضاء مجلس فرع حلب وأعضاء من هيئتها العامة بمقاطعة انتخابات فرع حلب المقررة بـ 15 تموز، معللين ذلك بخرق مجلس فرع حلب المسير لأعمال الفرع للقانون، وقيامه بإنشاء صناديق انتخابية خلافاً للنظام الداخلي.
نتائج الانتخابات زادت حدة الخلاف في فرع حلب:
كان من جملة التوصيات التي خرجت عن مجلس فرع حلب في مؤتمره السنوي المنعقد في آذار الماضي، أن تكون الانتخابات الخاصّة بفرع حلب فيزيائية وبمكان واحد في مقر الفرع في مدينة أعزاز، وإلغاء التصويت الإلكتروني، وجرى التصديق على ذلك من قبل النقابة المركزية.
ولكن فيما بعد جرت مناقشات من بعض أعضاء الهيئة العامة لمجلس فرع حلب حول ضرورة فتح صناديق أخرى نظراً للمسافات البعيدة، والمشقّة التي ستلحق بالمقترعين الذين قد يأتون من مناطق بعيدة، ليستقر الأمر على فتح صندوق انتخابي واحد مقره أعزاز ولجنة انتخابية واحدة، وفيما بعد ادّعى فرع حلب أنه كان معتمداً لصندوقين آخرين في الباب وغازي عنتاب.
لتبدأ العملية الانتخابية في مقر جامعة حلب في أعزاز بتاريخ 15/7/2023، وتجري المنافسة بين كتلتين رئيسيتين هما قائمة التجديد وقائمة النزاهة إضافة إلى المستقلّين.
وبعد الانتهاء من فرز الأصوات في صندوق أعزاز، تم إعلان نتائج الانتخابات وأسماء الفائزين على معرفات النقابة، ثم تم سحب النتائج وتغييرها نتيجة لإضافة أصوات من صندوقي الباب وغازي عنتاب واستبعاد أحد الفائزين من قائمة النزاهة، الأمر الذي اعتبره الطرف المعارض انقلاباً على نتائج الانتخابات، واحتساب أصوات صناديق غير شرعية كون الصندوق الشرعي الوحيد هو صندوق أعزاز.
لذلك قام الطرف المعارض بالتقدّم بطلب للنقابة المركزية لتأسيس فرع ريف حلب للمحامين الأحرار، لتجري انتخابات للفرع الجديد وتصدّق على نتائج هذه الانتخابات النقابة المركزية، ليصبح فرع ريف حلب موجوداً بشكل قانوني.
سادساً: حجج كل فريق بخصوص الخلاف الأخير
الفريق الأول ويُمثّله مجلس فرع حلب للمحامين الأحرار:
اعتبر مجلس فرع حلب أن الإجراءات التي اتخذها مجلس الفرع فيما يتعلق بالعلاقة مع النقابة المركزية وفيما يتعلق بتنظيم عملية انتخاب مجلس فرع جديد صحيحة من الناحية القانونية، مبرهنا ذلك بأنه:
*رغم صدور قرار التحكيم بين النقابة المركزية ومجلس فرع حلب فيما يتعلّق بنقاط الخلاف الكثيرة والتي سبق عرض بعضها بين الطرفين، لم تلتزم النقابة المركزية بأيّ بند من بنود قرار التحكيم الصادر عن لجنة التحكيم التي رضيت بها بداية.
*قرار تعليق العمل مع النقابة المركزية وإمهال النقابة المركزية لمدة شهر لتنفيذ قرار التحكيم يُعتبر قانونياً لصدوره من الهيئة العامة لفرع حلب، وبالتالي لا علاقة للنقابة المركزية، ولا دور لها في تنظيم عملية انتخاب مجلس فرع حلب الجديد.
*تم بقرار من الهيئة العامة لفرع حلب إلغاء التصويت الإلكتروني، وبقرار من مجلس فرع حلب إحداث ثلاثة صناديق انتخابية بثلاث لجان محلّفة في أعزاز والباب وغازي عنتاب.
الفريق الثاني ويمثّله مجلس فرع ريف حلب للمحامين الأحرار:
بعد تأسيس مجلس فرع ريف حلب للمحامين الأحرار والذي تشكّل من ثلة من المحامين الذين اعتبروا فرع حلب قاد انقلاباً على نتائج الانتخابات الأخيرة، اعتبر فرع ريف حلب أن نتائج الانتخابات الأخيرة غير صحيحة وباطلة للأسباب التالية:
*مخالفة فرع حلب للكثير من قرارات النقابة المركزية، كان آخرها تحديد اليوم الانتخابي، حيث حددت النقابة المركزية انتخابات مجالس الفروع بتاريخ 24/6/2023، إلا أن مجلس فرع حلب تجاهلها، وعيّن اليوم الانتخابي بتاريخ 15/7/2023.
*مخالفة مجلس فرع حلب لقرارات الهيئة العامة العائدة له ولو بشكل ضمني من حيث ادعائهم إحداث صناديق متعددة، حيث لم ينص قرار الهيئة العامة على إحداث صناديق متعددة، وإنما فقط إلغاء التصويت الإلكتروني.
*عدم شرعية صندوقي الباب وعنتاب، ولم يعلم أحد بلجانهم المحلّفة، حتى إن رئيس اللجنة الانتخابية في أعزاز نفى علمه بوجود صناديق أو لجان انتخابية غير صندوق أو لجنة أعزاز.
خاتمة:
تشير تجربة المحامين الأحرار في تشكيل الهيئات والأجسام النقابية إلى قدرة السوريين على اختيار من يُمثّلهم ومعالجة قضاياهم بأنفسهم دون الحاجة إلى تدخّل خارجي في شؤونهم متى أتيحت الفرصة لهم في ذلك.
كانت تجربة المحامين الأحرار في تشكيل النقابة والإنجازات التي حقّقتها والعقبات التي تجاوزتها خير دليل على تفوق إرادة السوريين على النقابات والجهات التي شكلها نظام الأسد تحت أنظاره وأعين مخابراته والتي أفرغت العمل النقابي من مضمونه وغاياته، لكونها مشكّلة من نظام قمعي استبدادي، ولا تُعبّر عن إرادة ورغبة المحامين الحقيقية.
كما أن كل الانتخابات التي خاضتها النقابة المركزية والفروع كانت تتمّ وفقاً للقانون والأصول، وتُعبّر حقيقة عن رغبة وتطلعات المحامين وحريتهم في اختيار من يمثلهم ويدير شؤونهم، وتوضح تجربة المحامين الأحرار قدرة السوريين على العمل النقابي وتشكيل منظمات المجتمع المدني الفاعلة والمنخرطة في قضايا المجتمع وشؤونه.
ورغم أن ما حصل من خلافات يُثبت أن داء التناحر وعدم الاعتراف بالأطراف الأخرى أو المعارضة وصل للحصن المنيع الذي كان يُنظر له بفائق الاحترام والتقدير وأنهم رجال القانون المدافعون عن الحق والمظلومين، إلا أنّ بارقة الأمل ما تزال موجودة، فقد دفعت الأحداث الأخيرة التي عصفت بالمحامين وفروعهم ثلة من الغيورين على مبادئهم ونقابتهم وثورتهم إلى رفع الصوت والمناداة بضرورة رأب الصدع ورص الصفوف.
حائز على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق، طالب ماجستير في القانون العام،
عضو في الهيئة العامة لفرع محامي دمشق وريفها التابع لنقابة المحامين الاحرار