سوريا في أسبوع: وثائق مسرَّبة: ديون إيران على نظام الأسد تتجاوز 50 مليار دولار
مرَّ الأسبوع الماضي بالعديد من التطورات الميدانية والسياسية المتعلّقة بالشأن السوري يُجملها لكم منتدى الحوار الشبابي في هذه الورقة مع نظرة تحليلية موجزة عن تلك التطورات من قبل عدد من الباحثين.
ومن أبرز الملفات:
- 50 مليار دولار.. وثائق مسربة تكشف حجم ديون نظام الأسد لإيران
- غارات يرجح أنها أردنية على مواقع لتصنيع المخدرات جنوبي سوريا
- منظمات محلية ودولية تطالب بوقف ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان
- السعودية: لم نعرض أموالاً على نظام الأسد لوقف تجارة المخدرات
1- 50 مليار دولار.. وثائق مسربة تكشف حجم ديون نظام الأسد لإيران
كشفت وثائق مسرّبة حجم الديون المتراكمة على نظام الأسد والتي يتوجّب عليه دفعها لإيران.
وقال موقع “إيران إنترناشيونال” إن جماعة قرصنة تُطلق على نفسها اسم “انتقاضة حتى الإطاحة”، التابعة لحركة “مجاهدي خلق” المعارضة ومقرها ألبانيا، سرّبت وثائق بعد اختراق خوادم وزارة الخارجية الإيرانية.
وأشارت الوثائق إلى أن نظام الأسد مدين بنحو 50 مليار دولار لإيران، وهي ديون تعود إلى اتفاق طويل الأجل وقّع بين الجانبين في شهر كانون الثاني 2019، خلال عهد الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني.
ولفتت الوثائق إلى أن الديون تتراكم منذ فترة طويلة، وأن من ضمنها نحو 11 مليار دولار مقابل النفط الذي صُدّر إلى نظام الأسد بين عامي 2012 – 2021.
وأضافت الوثائق أن الديون تتضمن مبالغ أرسلت إلى نظام الأسد على شكل دعم عسكري ونقدي، مشيرة إلى أن الوثائق قالت إن المبلغ النهائي لا يزال قيد الحساب، وذكرت الوثائق أن إيران أرسلت في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 مليون برميل نفط إلى نظام الأسد، مشيرة إلى أن الكمية لم تكن تكفي وأن النظام طلب مليوني برميل شهرياً.
وبحسب الوثائق فإنه بناءً على طلب نظام الأسد مزيداً من النفط، اقترح القائد العام لـ “الحرس الثوري الإيراني” حسين سلامي إرسال مليون ونصف المليون برميل نفط خلال النصف الثاني من عام 2021، وذلك بناء على اقتراح من قائد “فيلق القدس” إسماعيل قاني.
وفي تعليق منه على ذلك، قال الباحث في مركز الحوار السوري: د. ياسين جمول، إن إيران لولا أنها ترى مشروعها طويل الأمد في سوريا ويستحق تلك المليارات لما غامرت ابتداء بالدفع.
وأضاف أن وقوف إيران منذ الأيام الأولى للثورة مع نظام الأسد ضد الشعب السوري جاء لحفظ ما كانت أنجزته منذ سيطرة الخميني على السلطة فيها واغتصاب حافظ السلطة في سوريا، ولوضع ثقل لها يحقق مصالحها ويحمي مشروعها إن حصل أي تغيير في سوريا.
ولفت الباحث إلى أنه لو ضمنت إيران تحقيق مشروعها الثقافي تماماً كما ترغب لما ألحّت على دفعه اقتصادياً؛ لكنها تستشعر منافسة الشركاء المتشاكسين معها في نظام الأسد وثروات سوريا التي يبيعها الأسد لإيران وروسيا معاً فلا يُنظر إلى ديون إيران المالية أنها الأصل، بل هي عندها تبع، ولا تُعتبر مقارنة بمشروعها الثقافي طويل الأمد؛ لأنه يحقق لها أضعاف تلك المبالغ.
وختم جمول بالقول إن تجربة العراق وما كانت تدّعي من تكلفة حربها معه تُستردّ اليوم بسيطرتها التامة عليه، وكذلك لبنان وما دفعته على ربيبها “حزب الله” منذ عقود كله يُسترد بما يتجاوز الأمور المادية من السيطرة والتحكم التام بالدولة اللبنانية.
2- غارات يرجح أنها أردنية على مواقع لتصنيع المخدرات جنوبي سوريا:
شنت طائرات يرجح أنها أردنية غارات على مواقع لتصنيع المخدرات جنوبي سوريا، موقعةً عدداً من القتلى والجرحى، فيما لم يتبنَ الأردن رسمياً تلك الضربات رغم وجود عدة مؤشرات بذلك على مسؤوليته عنها.
وقالت مصادر محلية، إن طيراناً حربياً استهدف بغارة جوية منزل مهرب وتاجر المخدرات السوري مرعي رويشد الرمثان، في قرية الشعّاب بمنطقة اللجاة شرقي محافظة السويداء، ما أسفر عن مقتله مع ستةٍ من أطفاله وزوجته.
إلى ذلك، قال مركز أبحاث “ألمى” الإسرائيلي، إن سلاح الجو الأردني شن هجوماً على هدفين مخصصين لصناعة “الكبتاجون” جنوبي سوريا، يدير أحدهما قائد المجموعة العسكرية التابعة لـ”الأمن العسكري”، مصطفى المسالمة الملقب بـ”الكسم”.
وأضاف أن الموقع الرئيس الذي قصفه الأردن مخصص لإنتاج “الكبتاجون”، ويقع في منشأة لمعالجة مياه الصرف الصحي جنوب مدينة المزيريب وبالقرب من بلدة اليادودة شمال غرب مدينة درعا.
وقبل أيام من القصف، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن بلاده ستقوم بعمل عسكري داخل سوريا في حال عدم القدرة على وقف تدفق المخدرات نحو دول الخليج والعالم.
3- منظمات محلية ودولية تطالب بوقف ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان:
طالبت 20 منظمة محلية ودولية في بيانٍ مشترك، بوقف ترحيل اللاجئين السوريين من لبنان، وذلك في ظل استمرار الجيش والقوى الأمنية بعمليات الدهم والاعتقالات التي يتطور الكثير منها إلى الترحيل.
وجاء في البيان أن الجيش اللبناني رحّل مؤخراً مئات السوريين بموجب إجراءات موجزة إلى بلادهم، حيث يواجهون خطر الاضطهاد أو التعذيب، منتقداً عملية الترحيل التي تنفّذها السلطات اللبنانية، موضحاً أن الحكومة أساءت إدارة الأزمة الاقتصادية في لبنان، ما تسبّب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم.
وتابع البيان: “بدلًا من تبني إصلاحات ضرورية للغاية، عمدت إلى استخدام اللاجئين ككبش فداء للتغطية على إخفاقها، دون وجود ما يبرّر إخراج مئات الرجال والنساء والأطفال من أسرّتهم بالقوة، في ساعات الصباح الباكر، وتسليمهم إلى الحكومة التي فروا منها”.
ونقل البيان عن بعض الأشخاص في لبنان – منهم لاجئون مسجّلون لدى المفوضيّة منذ 2012 – أنّ الجيش اللبناني اقتاد المرحّلين إلى الحدود وسلّمهم مباشرة إلى نظام الأسد بعضهم اعتُقلوا أو اختفوا بعد عودتهم إلى سوريا
يذكر أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت في تقرير لها أواخر نيسان الفائت، أنّ الحكومة اللبنانية انتهكت مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين، وأعادت 168 لاجئًا سوريًا منذ بداية نيسان، بينما طالبت منظمة العفو الدولية بإيقاف فوري لعمليات الترحيل غير القانونية القسرية للاجئين السوريين.
وفي تعليقه على تلك التطورات، قال الباحث المساعد في مركز الحوار السوري: أ. نورس العبد الله، إن المنظمات الحقوقية تعلب دوراً هاماً في وجه الهجمة العنصرية الشرسة في لبنان ضد اللاجئين السوريين، والتي تستند إلى مشهد سياسي واقتصادي لبناني مأزوم منذ سنوات بفعل تغول القوى السياسية المرتبطة بالخارج على المؤسسات وسيطرتها على الدولة.
وأضاف أنه على الرغم من أهمية هذا الحراك الحقوقي الشجاع والذي رافقه مواقف إيجابية من قوى مجتمعية كهيئة علماء المسلمين في لبنان والحزب التقدمي الاشتراكي وقوى أخرى لكن لا يزال خطاب الكراهية من القوى الحليفة لنظام الأسد يدفع بقوة لإذكاء العداء ضد اللاجئين مجتمعياً وينفذ حملاته للترحيل القسري عبر المؤسسات عملياً، وهو ما يعني -في ظل منطق القوة والضرب بعرض الحائط بكل المعايير والمبادئ الدولية المستقرة كمبدأ “عدم العودة القسرية”- أنَّ صوت القوى الحقوقية لن يكون كافياً لوقف الجريمة المنظمة.
وأضاف العبد الله أن هذه المواجهة للقوى والمنظمات تبدو كأفضل الخيارات المتاحة والتي يجب الالتفاف حولها والضغط على المجتمع الدولي لممارسة نفوذه على السلطات اللبنانية ومن يقف وراءها في عمليات الترحيل القسري دون الخضوع للابتزاز الذي يتم في الخفاء أحياناً وفي العلن أحياناً أخرى كالطلب من مفوضية اللاجئين بدفع مئة دولار عن كل لاجئ.
وبشكل عام -حسب العبد الله- يُقدّم هذا المشهد اللا إنساني صورة مصغرة عن وحشية الدفع باللاجئين السوريين إلى قبضة نظام الأسد دون توفر ظروف البيئة الآمنة والعودة الطوعية الكريمة وخاصة من دول الجوار والتي تتطلب بالضرورة وجود حل سياسي يستند للقرارات الدولية وتفكيك البنية الأمنية التي تنتظر السوريين للانتقام منهم.
4- السعودية: لم نعرض أموالاً على نظام الأسد لوقف تجارة المخدرات
قالت وكالة “رويترز”، إنّ وزارة الخارجية السعودية نفت عرض الرياض أموالاً على نظام الأسد من أجل وقف الكبتاغون.
ونقلت الوكالة عن مصدر في الخارجية السعودية أنّ “المملكة لم تعرض تقديم 4 مليارات دولار لنظام بشار الأسد في شكل استثمارات، من أجل وقف إنتاج وتصدير المخدّرات (الكبتاغون)”.
يأتي ذلك بعدما كانت “رويترز” كشفت في تقرير سابق أنّ “السعودية التي تحوّلت إلى سوق كبير لـ(كبتاغون الأسد) عرضت على رئيس النظام بشار الأسد، تقديم 4 مليارات دولار لـ تعويضه في حال أوقف هذه التجارة”.
وأشارت الوكالة إلى أنّ “هذا الرقم عُرض خلال زيارة وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق، في شهر نيسان الفائت، وأنه مبني على تقديرات الرياض لهذه السوق”.
وأضافت أنّ “المليارات الأربعة ستُقدم على أنها مساعدات زراعية”، في حين أشار مصدر من نظام الأسد لـ”رويترز”، إلى أنّ “الرياض اقترحت دفع المبلغ كمساعدات إنسانية”.
وقالت مصادر غربية مطلعة على اتصالات عربية مع نظام الأسد: إنّ “التعويض ضروري لإبعاد الميليشيات المسلّحة المرتبطة بالنظام عن تجارة الكبتاغون، التي باتت جزءاً مربحاً من اقتصاد الحرب لدى النظام، وتقدّر قيمته بمليارات الدولارات سنوياً”.
وفي تعليق منه على هذا الموضوع، قال الباحث في مركز الحوار السوري: أ. محمد سالم، إن العرض بهذا الشكل هو بمثابة ابتزاز، ولا يؤدي دفع الأموال لمن هو سبب المشكلة إلى حل لها بل يُشجّعه على مزيد من الابتزاز، وإذا نجح في هذا الابتزاز فإن ذلك سيُشجّعه للمزيد.
وأضاف سالم أنه ليس من المستغرب من الدول العربية هذا النهج لأن الدول في كثير من الأحيان تفكر في حل الإشكالية على المدى القصير أو يأن كون حل الإشكالية غطاءً لأمور أخرى، بمعنى أن يتم تغطية الخضوع لإيران وتنفيذ أجنداتها بأن يتمَّ مكافحة المخدرات لأنه بالأصل ملف المخدرات بالنسبة للسعودية ليس ملفاً أمنياً بل جنائياً لا يرتقي لهذه الأهمية بالنسبة لها، ولكن يتم تغطية مساعي التطبيع مع نظام الأسد بأن لدينا مشكلة مخدرات ويجب حلها، فالموضوع أشبه بغطاء وذريعة.
وتابع: ولكن من تحت الطاولة قد تكون هناك أسباب أخرى منها الاتفاقية مع إيران والتي فيما يبدو هناك تفاهمات ليست معلنة وغالباً هناك نوعٌ من الخضوع السعودي لإيران بشكل كبير.
5- انعقاد الاجتماع الرباعي في موسكو بحضور وزيري خارجية تركيا ونظام الأسد:
كشفت وزارة الخارجية الروسية في بيان عقب الاجتماع الرباعي في موسكو، أن الأطراف المشاركة اتفقت على تكليف نواب وزراء الخارجية بإعداد خارطة طريق لتطوير العلاقات بين تركيا ونظام الأسد بالتنسيق مع وزارات الدفاع والاستخبارات للدول الأربع.
وأضاف البيان: “أكد وزراء خارجية سوريا وروسيا وتركيا وإيران أكدوا التزام بلادهم بسيادة سوريا ومحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره”، كما طالب بـ “زيادة المساعدة الدولية لسوريا لصالح إعادة الإعمار في البلاد والمساعدة في عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم”.
وخلال الاجتماع، طالب وزير خارجية نظام الأسد تركيا بسحب قواتها من سوريا، مضيفاً: “الهدف الأساسي بالنسبة لنا هو إنهاء الوجود العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية مهما كان شكله، وهذا بالطبع يشمل القوات التركية، وبدون التقدّم في هذا الموضوع سنبقى نراوح في مكاننا ولن نصل إلى أي نتائج حقيقية، وسنبقى نعمل ونطالب ونصرّ على موضوع الانسحاب”.
وفي تعليق منه على هذ اللقاء، قال الباحث في مركز الحوار السوري: د. أحمد قربي، إن الشروط التي يضعها نظام الأسد مثل انسحاب تركيا من الشمال السوري هي من أجل رفع سقف التفاوض.
وأضاف أن تركيا تريد من التطبيع مع نظام الأسد حل مسألة مليشيا “قسد” واللاجئين، وأما جزئية الانسحاب العسكري من سوريا فلا الحكومة الحالية ولا المعارضة (بعد الانتخابات) سيقدمان على تنازلات كبيرة لأن الوجود العسكري التركي في سوريا هو قضية أمن قومي تركي أكثر من أنه قضية خارجية.
ولفت قربي إلى أن موضوع الانسحاب ليس سهلاً طالما بقي ملف “قسد” في شمال شرق سوريا والوجود الأمريكي هناك، مرجحاً أن الأمر سيكون خاضعاً للمفاوضات وللحلول الجزئية مثل الانسحاب الجزئي أو جدولة الانسحاب أو تعليقه على شرط معين، وأما الانسحاب الفوري بدون شروط فهذا الأمر غير وارد.