سوريا في أسبوع: إضرابات واحتجاجات في عدة مناطق خاضعة لسيطرة نظام الأسد
مرَّ الأسبوع الماضي بالعديد من التطورات الميدانيّة والسياسيّة المتعلّقة بالشأن السوري يُجملها لكم منتدى الحوار الشبابي في هذه الورقة مع نظرة تحليلية موجزة عن تلك التطورات من قبل عدد من الباحثين، ومن أبرز الملفات:
- الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على قادة بفصائل الجيش الوطني السوري
- نظام الأسد يدّعي عدم استلام مساعدات مالية لصندوق متضرري الزلزال
- إضرابات واحتجاجات في عدة مناطق خاضعة لسيطرة نظام الأسد
1- الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على قادة بفصائل الجيش الوطني السوري:
أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوباتٍ على ثلاثة قياديين في الجيش الوطني السوري العامل في مناطق الشمال السوري.
وقالت الخزانة الأميركية، في بيان، إنها فرضت عقوبات على ثلاثة قياديين في فصائل المعارضة السورية قالت إنهم “متورطون بانتهاكات جسيمة تتعلق بحقوق الإنسان”، مشيرة إلى أنه تم فرض عقوبات على سيف بولاد قائد فرقة الحمزة لارتكابه “انتهاكات ضد السكان المحليين”.
وشملت العقوبات الأميركية شركة سيارات السفير التي يُديرها قائد فصيل سليمان شاه “أبو عمشة”، إضافة إلى وليد حسين الجاسم، وهو الأخ الأصغر لأبو عمشة والذي يشغل أيضاً دوراً قيادياً في الفصيل.
كما شملت العقوبات الجديدة قائد فصيل أحرار الشرقية وهو مصنّف على “قوائم الإرهاب” في أمريكا سابقا، وفقاً لبيان الخزانة الأميركية.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان إي نيلسون”: “يُظهر إجراء اليوم التزامنا المستمر بتعزيز المساءلة لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك في سوريا”.
2- نظام الأسد يَدّعي عدم استلام مساعدات مالية لصندوق متضرّري الزلزال:
ادّعى نظام الأسد عدم تسلُّمه أيّ مساعداتٍ مالية من دول عربية للصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال الذي وقع في شمال سوريا وجنوب تركيا في شباط الماضي.
وقال فارس كلاس مدير الصندوق الذي أسّسه بشار الأسد في أيار الماضي، إنه “لم تصل مساعدات مالية للصندوق حتى الآن من دول عربية، لكن يبدو أن الأمر يحتاج لبعض الوقت ونحن قمنا بنشر حسابات الصندوق ونشكر المتبرعين الذين قدموا دعماً للصندوق”.
كما قال وزير الإدارة المحلية في حكومة نظام الأسد، حسين مخلوف، إن أولوية الصندوق دعم أصحاب المنازل المهدمة بالزلزال، دون الإشارة إلى كيفية ذلك.
وقدّر وزير الإدارة المحلية الكلفة الأولية للمتضررين من الزلزال للفئتين ألف وباء هي 156 مليار ليرة، وأضاف أنه بالنسبة للمنازل المرخصة سيتم منح مبلغ وقدره 160 مليون ليرة يعطى على دفعتين الأولى عند تقديم الرخصة والثانية عند تصديق عقد المقاولة.
يُذكر أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت في تقرير سابق لها، إن نظام الأسد نهب قرابة 90 % من المساعدات المخصصة لمتضرري الزلزال، مؤكّدة أنّ تقديم المساعدات عبر نظام الأسد والمنظمات التي أنشأتها الأجهزة الأمنية قد ينقل الدول والمنظمات الداعمة من إطار العمل الإنساني إلى دعم وتمويل الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية، التي مارسها نظام الأسد ضد شعبه.
وفي تعليق منها على هذا الموضوع، قالت الباحثة في مركز الحوار السوري: أ. كندة حواصلي، إنه يكاد يكون من الصعب تتبُّع ما إذا كان هناك أيّ مساعدات أُرسلتْ أو لم تُرسَل، خاصة أن نظام الأسد تغيب عنه الشفافية، وجاءت سابقاً مساعدات عينيّة شوهدت بالطائرات وهي تحمل المواد لكنها لم تُسلَّم لمستحقّيها، وحتى قبل عدة أيام تمّ وبالصدفة اكتشاف مواد غذائية مدفونة بمنطقة في طرطوس جاءت لحساب متضرّري الزلزال، لكنها فسدت بسبب التخزين وعدم التوزيع ثم طمروها تحت التراب.
ولفتت إلى أن موضوع المساعدات قابلٌ للاستثمار بشكل كبير، وحتى لو كانت هناك مساعدات فلن تصل للشعب، مشيرة إلى أن المساعدات العينيّة السابقة بات تُباع بالأسواق، فكيف لو كانت مادية، كما قالت إن نظام الأسد يحاول استثمار موضوع الزلزال بشكل كبير جداً، وقد تكون المساعدات المالية هي المساعدات التي سيلقّاها هي ثمن للتطبيع أو كنوع من أنواع الإغراءات من الدول العربية لضمان انخراطه بالعملية.
وتابعت الباحثة أنه من الواضح مع السقف المرتفع من التصريحات المستفّزة المهاجِمة للدول العربية من قبل نظام الأسد أنّ عمليات التطبيع متعثّرة، وأن ما تمّ الاتفاق عليه لم يُطبّق، وقد يكون نظام الأسد يَدّعي عدم وصول المساعدات ليغطي على الأزمة المالية التي يمر فيها بعد رفعه الرواتب ورفع الدعم واندلاع احتجاجات داخل سوريا لأسباب اقتصادية.
وتابعت حواصلي أن نظام الأسد يريدُ أن يتذرع أن هذا الإخفاق ليس سببه داخلي، وإنما لعدم وفاء الدول بتعهداتها، وكنوع من أنواع تصدير المشكلة نحو الخارج، ورأت أن من الصعب إدراك الأسباب الحقيقية مع حالة الغموض وعدم الشفافية، لكن تعثّر عملية التطبيع هو الذي أدى ربّما لعدم وفاء بعض الدول بالتزاماتها المالية لأنّ نظام الأسد لم يقم بأي خطوة إيجابية، والأموال -فيما لو جاءت- فإنها ستأتي نظرياً لمساعدة المتضررين كي تتهرّب من العواقب لكنها لن تذهب للمتضررين.
3- نظام الأسد يطالب الدول العربية بدعم عودة اللاجئين السوريين:
طالب وزيرُ خارجية نظام الأسد فيصل المقداد، الدولَ العربية بالتعاون في عودة اللاجئين السوريين والمساهمة في مشاريع الإنعاش المبكر.
وأضاف خلال مشاركته في اجتماع لجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا على المستوى الوزاري بالقاهرة، أنه “من المهم إعطاء موضوع اللاجئين الذين هُجّروا من وطنهم الأولوية والاهتمام اللازمين”، وأنه من الضروري أنْ “يُركّز الاجتماع على هذا الموضوع وما يرتبط به من تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، لكونه موضوعاً ملحاً ويهم الجميع، ويمكن العمل عليه بشكل مشترك بما يدفع الجهود للأمام”.
وزعم المقداد أنّ نظام الأسد “يُرحّب بعودة جميع اللاجئين السوريين إلى بلادهم، واتخذ العديد من الإجراءات والتسهيلات التي يحتاجها الراغبون بالعودة، وهو مستمر بتعزيزها وتكثيفها”، مدّعياً أن “عودة اللاجئين تواجه صعوبات لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي والإنساني”.
وفي تعليق منه على هذا الموضوع، قال الباحث المساعد في مركز الحوار السوري: أ. نورس العبد الله، إن نظام الأسد ومن خلفه الروس والإيرانيون ركّزوا منذ عام 2018 بشكل خاص على فكرة عودة اللاجئين في ظل سيطرة نظام الأسد، تزامناً مع المطالبات بدعم عمليات إعادة الإعمار بوصفها التتويج النهائي للجهد العسكري.
وأضاف أنه مع مرور السنوات وفشل الفكرة السابقة بفعل العقوبات الغربية؛ بات نظام الأسد واستناداً لمقاربة خطوة بخطوة يُركّز على استجلاب الأموال لإنقاذه من الانهيار الاقتصادي تحت مُسمّى “التعافي المبكر” وتحت ذرائع عديدة، وبالتالي فالتركيز ليس على اللاجئين وإنما على الأموال المطلوبة بذريعة العودة المزعومة استغلالاً لأزماتِ دول الجوار.
وتابع العبد الله أنه بناءً على ذلك يجب فهم تكتيكات نظام الأسد واستثماره في الأزمات التي يخلقها أصلاً، وتركيزه على خلق التوتر في دول الإقليم عبر وسائل عديدة، كان منها ارتكاب المجازر، والقيام بجرائم التهجير القسري للسوريين، ويستمر حالياً في ضرب الأمن الإقليمي عبر الكبتاغون، ويمارس الابتزاز لاستجلاب الأموال كما تفعل العصابات عادة، وفي ذات الوقت يقوم باعتقال وإخفاء وتعذيب الكثير من السوريين العائدين انتقاماً منهم، وفق ما وثّقته الكثير من التقارير الدولية.
وأشار العبد الله إلى أنه ومع التسليم جدلاً بالرضوخ لهذه المعادلة، أي ضخ أموال التعافي المبكر، فإن منظومة الفساد وإمبراطوريات الأموال لدى نظام الأسد ستكون المستفيدة الوحيدة، ولن يعود السوريون طوعاً في ظل بقائه واستمراره، وهو ما يعني أن العملية عديمة الجدوى للدول الإقليمية.
4- وزير دفاع نظام الأسد يربط تقدّم التطبيع مع تركيا بانسحابها من سوريا:
قال وزيرُ دفاع نظام الأسد، علي محمود عباس، إن السلام مع تركيا مرهون بانسحابها من الأراضي السورية.
وأضاف أن الجولات التي عُقدت بين وفد نظام الأسد وتركيا لم تتقدّم بسبب عدم الإقرار التركي بالانسحاب من الأراضي السورية، مردفا أن التصريحات التركية التي تُشير إلى عدم وجود نيّةٍ للانسحاب من سوريا “زادت الأمور تعقيداً”.
يأتي هذا بعد خطاب مشابه لرأس النظام بشار الأسد على قناة “سكاي نيوز عربية” اشترط فيه على تركيا انسحابها من سوريا واتهامها بـ “صناعة الإرهاب” حسب زعمه.
5- إضرابات واحتجاجات في عدة مناطق خاضعة لسيطرة نظام الأسد:
شهدت عدة مناطق تحت سيطرة نظام الأسد في درعا والسويداء وريف دمشق، إضرابات واحتجاجات، استجابةً لدعوات أطلقها ناشطون سوريون.
وقالت مصادر محلية إن العشرات من أهالي مدينة نوى شمال غربي درعا أغلقوا محالهم التجارية، وأعلنوا تنفيذ إضراب عام استجابة لـ دعوات “الحراك السلمي”، في ظل التدهور الاقتصادي الذي تشهده مناطق سيطرة الأسد.
وقالت المصادر إنّ هناك شللاً شبه تامّ في حركة السير يسود نوى كبرى مدن محافظة درعا، وأنّ 70% من المحال والأسواق، كما أغلق قطع عشرات المحتجين والمضربين الطرق بإطارات مشتعلة، تزامناً مع انتشار قوات نظام الأسد داخل المدينة وفي محيطها.
وفي السويداء، خرجت احتجاجات واسعة بعدة قرى وبلدات أغلق خلالها المحتجون الطرق الرئيسة الواصلة بين البلدات والقرى في الريف المؤدي إلى العاصمة دمشق، كما شهدت “ساحة السيوف” في مدينة جرمانا بريف دمشق، وقفة احتجاجية رُفعت خلالها لافتات: “حقنا نعيش بكرامة”.
وجاءت هذه الاحتجاجات بعد رفع نظام الأسد الأجور بنسبة 100 % لكنه سرعان ما قام برفع أسعار المحروقات بنسب قياسية، الأمر الذي تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية ووسائل النقل وغير ذلك من المستلزمات الأساسية، على وقع انهيار الليرة السورية ووصولها إلى حاجز 15 ألفاً مقابل الدولار.
6- اشتباكات بين عشيرة الجبور ومليشيا “الدفاع الوطني” بالحسكة:
اندلعت اشتباكات بين أشخاص من عشيرة الجبور ومليشيا الدفاع الوطني التابعة لقوات نظام الأسد في مدينة الحسكة جراء تعدّي قائد المليشيا “عبد القادر حمو” على أحد وجهاء العشيرة.
ونفذ شُبّان مسلحون من أبناء القبيلة هجوماً على المربع الأمني التابع لقوات نظام الأسد في مدينة الحسكة بعد عدم استجابة نظام الأسد لمطالب وجهاء القبيلة بعزل قائد مليشيا “الدفاع الوطني” في المنطقة، إثر الاعتداء على أحد وجهاء القبيلة وإهانته أمام المارة.
ونقل موقع “العربي الجديد” عن الناشط خالد الحسكاوي، وهو من أبناء محافظة الحسكة، قوله، إنّ مئات الشبان المسلحين من أبناء قبيلة “الجبور” انطلقوا من أرياف محافظة الحسكة والرقة، ووصلوا إلى محيط منزل عبد العزيز محمد المسلط، شيخ عشيرة “الجبور” في حي تل حجر ضمن مدينة الحسكة، وهاجموا المربع الأمني لقوات نظام الأسد مساء يوم الثلاثاء الماضي في مدينة الحسكة.
وجاء ذلك بعد رفض نظام الأسد عزل قائد مليشيا “الدفاع الوطني” عبد القادر حمو، ومحاسبته نتيجة اعتدائه على الشيخ عبد العزيز المسلط، وإهانته أمام المارة.
وقالت صفحة مليشيا “الدفاع الوطني في القامشلي”، إنّ “كافة الأخبار المتداولة حول عزل قائد الدفاع الوطني في الحسكة عبد القادر حمو، ونقله إلى العاصمة دمشق كاذبة”، مؤكدةً أن “حمو لا يزال على رأس عمله”، معتبرةً أن ما قام به من الاعتداء على شيخ قبيلة الجبور “واجب لكل وطني وشريف بالوقوف أمام من يتعدى على الدولة والحكومة السورية لفظياً أو بالسلاح”.
وكانت قبيلة “الجبور” قد أعطت مليشيا “الدفاع الوطني” التابعة لقوات نظام الأسد مُهلة مدتها 48 ساعة لخروجهم من المربع الأمني في مدينة الحسكة، شمال شرق سوريا، ثم لاحقاً خرج شيخ القبيلة ليقول إنه تم عزل الجبور ونقله لدمشق، غير أن المليشيا نفت ذلك، ولا يزال الوضع غير واضح تماماً.